فصل: ذكر ملك أردشير:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الكامل في التاريخ (نسخة منقحة)



.ذكر ملوك الحيرة بعد عمرو بن هند:

قد ذكرنا من ملك من آل نصر بن ربيعة إلا هلاك عمرة بن هند. فلما هلك عمرو ملك موضعه أخوه قابوس بن المنذر أربع سنين، من ذلك أيام أنوشروان ثمانية أشهر، وفي أيام هرمز ثلاث سنين وأربعة أشهر، ثم ولي بعد قابوس السهرب، ثم ملك بعده المنذر بن النعمان أربع سنين، ثم ولي بعده النعمان بن المنذر أبو قابوس اثنتين وعشرين سنة، من ذلك في زمان هرمز سبع سنين وثمانين أشهر، وفي زمانه ابنه أبرويز أربع عشرة سنة وأربعة أشهر، ثم ولي إياس بن قبيصة الطائي ومعه النخيرخان في زمان كسرى بن هرمز أربع عشرة سنة، ولثمانية أشهر من ولاية إياس بعث النبي صلى الله عليه وسلم ثم ولي ازادبه بن مابيان الهمداني سبع عشرة سنة، من ذلك في زمان كسرى بن هرمز أربع عشرة سنة وثمانية أشهر، وفي زمن بوران دخت ابنة كسرى شهراً.
ثم ولي المنذر بن النعمان بن المنذر، وهو الذي يسميه العرب المغرور الذي قتل بالبحرين يوم جواثاء. وكانت ولايته إلى أن قدم عليه خالد بن الوليد الحيرة ثمانية أشهر، وكان آخر من بقي من آل نصر وانقرض ملكهم مع انقراض ملك فارس؛ فجميع ملوك آل نصر فيما زعم هشام عشرون ملكاً، ملكوا خمسمائة سنة واثنتين وعشرين سنة وثمانية أشهر.

.ذكر المروزان وولايته اليمن من قبل هرمز:

قال هشام: استعمل كسرى هرمز المروزان بعد عزل زرين عن اليمن، وأقام باليمن حتى ولد له فيها، ثم إن أهل جبل يقال له المضايع منعوه الخراج، فقصدهم فرأس جبلهم لا يقدر عليه لحصانته وله طريق واحد يحميه رجل واحد، وكان يحاذي ذلك الجبل جبل آخر، وقد قارب هذا الجبل، فأجرى فرسه فعبر به ذلك المضيق، فلما رأته حمير قالوا: هذا شيطان! وملك حصنهم وأدوا الخراج، وأرسل إلى كسرى يعلمه، فاستدعاه إليه فاستخلف ابنه خرخسره على اليمن وسار إليه فمات في الطريق، وعزل كسرى خرخسره عن اليمن وولى باذان، وهو آخر من قدم اليمن من ولاة العجم.

.ذكر قتل كسرى أبرويز:

كان كسرى قد طغى لكثرة ماله وما فتحه من بلاد العدو ومساعدة الأقدار وشره على أموال الناس، ففسدت قلوبهم، وقيل: كانت له اثنا عشر ألف امرأة، وقيل ثلاثة آلاف امرأة، يطؤهن، وألوف جوارٍ، وكان له خمسون ألف دابة، وكان أرغب الناس في الجوهر والأواني وغير ذلك، وقيل: إنه أمر أن يحصي ما جبي من خراج بلاده في سنة ثماني عشرة من ملكه، فكان من الورقة مائة ألف ألف مثقال وعشرون ألف ألف مثقال، وإنه احتقر الناس وأمر رجلاً اسمه زاذان بقتل كل مقيد في سجونه، فبلغوا ستة وثلاثين ألفاً، فلم يقدم زاذان على قتلهم، فصاروا أعداءه له، وكان أمر بقتل المنهزمين من الروم فصاروا أيضاً أعداء له، واستعمل رجلاً على استخلاص بواقي الخراج، فعسف الناس وظلمهم، ففسدت نياتهم، ومضى ناس من العظماء إلى بابل، فأحضروا ولده شيرويه بن أبرويز، فإن كسرى كان قد ترك أولاده بها ومنعهم من التصرف وجعل عندهم من يؤدبهم، فوصل إلى بهرسير فدخلها ليلاً فأخرج من كان في سجونها، واجتمع إليه أيضاً الذين كان كسرى أمر بقتلهم، فنادوا قباذ شاهنشاه وساروا حين أصبحوا إلى رحبة كسرى، فهرب حرسه، وخرج كسرى إلى بستان قريب من قصره هارباً فأخذ أسيراً، وملكوا ابنه، فأرسل إلى أبيه يقرعه بما كان منه، ثم قتلته الفرس وساعدهم ابنه، وكان ملكه ثمانياً وثلاثين سنة.
ولمضي اثنتين وثلاثين سنة وخمسة أشهر وخمسة عشر يوماً هاجر النبي، صلى الله عليه وسلم، من مكة إلى المدينة.
قيل: وكان لكسرى أبرويز ثمانية عشر ولداً، وكان أكبرهم شهريار، وكانت شيرين قد تبنته، فقال المنجمون لكسرى: إنه سيولد لبعض ولدك غلام يكون خراب هذا المجلس وذهاب الملك على يديه، وعلامته نقص في بعض بدنه، فمنع ولده عن النساء لذلك حتى شكا شهريار إلى شيرين الشنبق، فأرسلت إليه جاريةً كانت تحجمها، وكانت تظن أنها لا تلد، فلما وطئها علقت بيزدجرد فكتمته خمس سنين، ثم إنها رأت من كسرى رقة للصبيان حين كبر فقالت: أيسرك أن ترى لبعض بنيك ولداً؟ قال: نعم، فأتته بيزدجرد، فأحبه وقربه، فبينما هو يلعب ذات يوم ذكر ما قيل، فأمر به، فجرد من ثيابه، فرأى النقص في أحد وركيه فأراد قتله، فمنعته شيرين وقالت: إن كان الأمر في الملك قد حضر فلا مرد له، فأمرت به فحمل إلى سجستان، وقيل: بل تركته في السواد في قرية يقال لها خمانية. ولما قتل كسرى أبرويز بن هرمز ملك ابنه شيرويه.

.ذكر ملك كسرى شيروية بن أبرويز بن هرمز بن أنوشروان:

لما ملك شيرويه بن أبرويز وأمه مريم ابنة موريق ملك الروم واسمه قباذ، دخل عليه العظماء والأشراف فقالوا: لا يستقيم أن يكون لنا ملكان، فإما أن تقتل كسرى ونحن عبيدك، وإما أن نخلعك ونطيعه.
فانكسر شيرويه ونقل أباه من دار الملك إلى موضع آخر حبسه فيه، ثم جمع العظماء وقال: قد رأينا الإرسال إلى كسرى بما كان من إساءته ونوقفه على أشياء منها. فأرسل إليها رجلاً يقال له اسفاذ خشنش كان يلي تدبير المملكة، وقال له: قل لأبينا الملك عن رسالتنا: إن سوء أعمالك فعل بك ما ترى، منها جرأتك على أبيك وسملك عينيه وقتلك إياه، ومنها سوء صنيعك إلينا معشر أبنائك في منعنا من مجالسة الناس وكل ما لنا فيه دعةٌ، ومنها إساءتك إلى من خلدت في السجون، ومنها إساءتك إلى النساء تأخذهن لنفسك وتركك العطف عليهن ومنعهن ممن يعاشروهن ويرزقن منه الولد، ومنها ما أتيت إلى رعيتك عامة من العنف والغلظة والفظاظة، ومنها جمع الأموال في شدة وعنف من أربابها، ومنها تجميرك الجنود في ثغور الروم وغيرها وتفريقك بينهم وبين أهليهم، ومنها غدرك بموريق ملك الروم مع إحسانه إليك وحسن بلائه عندك وتزويجه إياك بابنته، ومنعك إياه خشبة الصليب التي لم يكن بك ولا بأهل بلادك إليها حاجة، فإن كان لك حجة تذكرها فافعل، وإن لم يكن لك حجة فتب إلى الله تعالى حتى يأمر فيك بأمره.
قال: فجاء الرسول إلى كسرى أبرويز فأدى إليه الرسالة، فقال أبرويز: قل عني لشيرويه القصير العمر لا ينبغي لأحد أن يتوب من أجل الصغير من الذنب إلا بعد أن يتيقنه فضلاً عن عظيمه ما ذكرت وكثرت منا، ولو كنا كما تقول لم يكن لك أيها الجاهل أن تنشر عنا مثل هذا العظيم الذي يوجب علينا القتل لما يلزمك في ذلك من العيوب، فإن قضاة أهل ملتك ينفون ولد المستوجب للقتل من أبيه وينفونه من مضامة أهل الأخيار ومجالستهم فضلاً عن أن يملك، مع أنه قد بلغ منا بحمد الله من إصلاحنا أنفسنا وأبناءنا ورعيتنا ما ليس في شيء منه تقصير، ونحن نشرح الحال فيما لزمنا من الذنوب لتزداد علماً بجهلك. فمن جوابنا: أن الأشرار أغروا كسرى هرمز والدنا بنا حتى اتهمنا فرأينا من سوء رأيه فينا ما يخوفنا منه فاعتزلنا بابه إلى أذربيجان، وقد استفاض ذلك، فلما انتهك منه ما انتهك شخصنا إلى بابه فهجم المنافق بهرام علينا فأجلانا عن المملكة، فسرنا إلى الروم وعدنا إلى ملكنا واستحكم أمرنا فبدأنا بأخذ الثأر ممن قتل أبانا أو شرك في دمه.
وأما ما ذكرت من أمر أبنائنا فإننا وكلنا بكم من يكفكم عن الانتشار فيما لا يعنيكم فتتأذى بكم الرعية والبلاد، وكنا أقمنا لكم النفقات الواسعة وجميع ما تحتاجون إليه، وأما أنت خاصة فإن المنجمين قضوا في مولدك أنك مثرب علينا، وأن يكون ذلك بسببك، وإن ملك الهند كتب إليك كتاباً وأهدى لك هدية، فقرأنا الكتاب فإذا هو يبشرك بالملك بعد ثمان وثلاثين سنة من ملكنا، وقد ختمنا على الكتاب وعلى مولدك وهما عند شيرين، فإن أحببت أن تقرأهما فافعل، فلم يمنعنا ذلك عن برك والإحسان إليك فضلاً عن قتلك.
وأما ما ذكرت عمن خلدناه في السجون، فجوابنا: إننا لم نحبس إلا من وجب عليه القتل أو قطع بعض الأطراف، وقد كان الموكلون بهم والوزراء يأمروننا بقتل من وجب قتله قبل أن يحتالوا لأنفسهم، فكنا بحبنا الاستبقاء وكراهتنا لسفك الدماء نتأنى بهم ونكل أمرهم إلى الله تعالى، فإن أخرجتهم من محبسهم عصيت ربك، ولتجدن غب ذلك.
وأما قولك: إنا جمعنا الأموال، وأنواع الجواهر والأمتعة بأعنف جمع وأشد إلحاح، فاعلم أيها الجاهل أنه إنما يقيم الملك بعد الله تعالى الأموال والجنود، وخاصة ملك فارس الذي قد اكتنفه الأعداء ولا يقدر على كفهم وردعهم عما يريدونه إلا بالجنود والأسلحة والعدد، ولا سبيل إلى ذلك إلا بالمال، وقد كان أسلافنا جمعوا الأموال والسلاح وغير ذلك فأغار المنافق بهرام ومن معه على ذلك إلا اليسير، فلما ارتجعنا ملكنا وأذعن لنا الرعية بالطاعة أرسلنا إلى نواحي بلادنا أصبهبذين وقامروسانين فكفوا الأعداء وأغاروا على بلادهم، ووصل إلينا غنائم بلادهم من أصناف الأموال والأمتعة ما لا يعلمه إلا الله تعالى، وقد بلغنا أنك هممت بتفريق هذه الأموال على رأي الأشرار المستوجبين للقتل، ونحن نعلمك أن هذه الأموال لم تجتمع إلا بعد الكد والتعب والمخاطرة بالنفوس، فلا تفعل ذلك فإنها كهف ملكك وبلادك وقوة على عدوك.
فلما انصرف أستاذ خشنش إلى شيرويه قص عليه جواب أبيه، ثم إن عظماء الفرس عادوا إلى شيرويه فقالوا: إما أن تأمر بقتل أبيك وإما أن نطيعه ونخلعك، فأمر بقتله على كره منه وانتدب لقتله رجالاً ممن وترهم كسرى أبرويز، وكان الذي باشر قتله شاب يقال له مهر هرمز بن مردانشاه من ناحية نيمروذ.
فلما قتل شق شيرويه ثيابه وبكى ولطم وجهه وحملت جنازته وتبعها العظماء وأشراف الناس، فلما دفن أمر شيرويه بقتل مهرهرمز قاتل أبيه. وكان ملكه ثمانياً وثلاثين سنة.
ثم إن شيرويه قتل إخوته، فهلك منهم سبعة عشر أخاً ذوو شجاعة وأدب، بمشورة وزيره فيروز.
وابتلي شيرويه بامراض، ولم يلتذ بشيء من الدنيا، وكان هلاكه بدسكرة الملك، وجزع بعد قتل إخوته جزعاً شديداً، ويقال: إنه لما كان اليوم الثاني من قتل إخوته دخلت عليه بوران وازرميدخت أختاه فأغلظتا له وقالتا: حملك الحرص على الملك الذي لا يتم لك على قتل أبيك وإخوتك. فلما سمع ذلك بكى بكاء شديداً ورمى التاج عن رأسه ولم يزل مهموماً مدنفاً. ويقال: إنه اباد من قدر عليه من أهل بيته. وفشا الطاعون في أيامه فهلك من الفرس أكثرهم، ثم هلك هو. وكان ملكه ثمانية أشهر.

.ذكر ملك أردشير:

وكان عمره سبع سنين. فلما توفي شيرويه ملك الفرس عليهم ابنه أردشير وحضنه رجل يقال له بهادر جسنس، مرتبته رئاسة أصحاب المائدة، فأحسن سياسة الملك، فبلغ من إحكامه ذلك ما لم يحس معه بحداثة سن أردشير. وكان شهربراز بثغر الروم في جند ضمهم إليه كسرى أبرويز، وكان قد صلح له بعده ما فعل بالروم مما ذكرناه، وكان ينفذ له الخلع والهداية، وكان أبرويز وشيرويه يكاتبانه ويستشيرانه، فلما لم يشاوره عظماء الفرس في تمليك أردشير اتخذ ذلك ذريعة إلى التعنت وبسط يده في القتل وجعله سبباً للطمع في الملك احتقاراً لأردشير لصغر سنه، فأقبل بجنده نحو المدائن، فتحول أردشير وبهادر جسنس ومن بقي من نسل الملك إلى مدينة طيسفون، فحاصرهم شهربراز ونصب عليهم المجانيق فلم يظفر بشيء، فأتاها من قبل المكيدة، فلم يزل يخدع رئيس الحرس وأصبهبذ نيمروذ حتى فتحا له باب المدينة فدخلها وقتل جماعةً من الرؤساء وأخذ أموالهم وقتل بعض أصحابه أردشير في إيوان خسروشاه قباذ بأمر شهربراز.
وكان ملكه سنة وستة أشهر.

.ذكر ملك شهريراز:

ولم يكن من بيت الملك. لما قتل أردشير جلس شهربراز، واسمه فرخان، على تخت المملكة، فحين جلس عليه ضرب عليه بطنه فاشتد ذلك. ثم عوفي. وتعاهد ثلاثة إخوه من أهل إصطخر على قتله غضباً لقتل أردشير، وكانوا في حرسه، وكان الحرس يقفون سماطين إذا ركب الملك عليهم السلاح وبأيديهم السيوف والرماح، فإذا حاذى الملك بعضهم وضع جبهته على ترسه فوق الترس كهيئة السجود. فركب شهربراز يوماً فوقف الإخوة الثلاثة بعضهم قريب من بعض، فلما حاذاهم طعنوه فسقط ميتاً، فشدوا في رجله حبلاً وجروه، وساعدهم بعض العظماء وتساعدوا على قتل جماعة قتلوا أردشير، وكان جميع ملكه أربعين يوماً.

.ذكر ملك بوران ابنة أبرويز بن هرمز بن أنوشروان:

لما قتل شهربراز ملكت الفرس بوران لأنهم لم يجدوا من بيت المملكة رجلاً يملكونه. فلما ملكت أحسنت السيرة في رعيتها وعدلت فيهم فأصلحت القناطر ووضعت ما بقي من الخراج وردت خشبة الصليب على ملك الروم، وكانت مملكتها سنة وأربعة أشهر، ثم ملك بعدها رجل يقال له خشنشبنده من بني عم ابرويز الأبعدين وكان ملكه أقل من شهر وقتله الجند لأنهم أنكروا سيرته.

.ذكر ملك آزرميدخت ابنة أبرويز:

لما قتل خشنشبنده ملكت الفرس آزرميدخت ابنة أبرويز، وكانت من أجمل النساء، وكان عظيم الفرس يومئذٍ فرخهرمز أصبهبذ خراسان، فأرسل إليها يختطبها، فقالت: إن التزوج للملكة غير جائز وغرضك قضاء حاجتك مني فصر إلي وقت كذا. ففعل وسار إليها تلك الليلة، فتقدمت إلى صاحب حرسها أن يقتله، فقتله وطرح في رحبة دار المملكة، فلما أصبحوا رأوه قتيلاً فغيبوه. وكان ابنه رستم، وهو الذي قاتل المسلمين بالقادسية، خليفة أبيه بخراسان، فسار في عسكر حتى نزل بالمدائن وسمل عيني آزرميدخت وقتلها، وقيل: بل سمت. وكان ملكها ستة أشهر. قيل: ثم أتى رجل يقال له كسرى بن مهرجسنس من عقب أردشير بن باك كان ينزل الأهواز، فملكه العظماء ولبس التاج وقتل بعد أيام، وقيل: إن الذي ملك بعد آزرميدخت خرزاد خسرو من ولد أبرويز وأمه كردية أخت بسطام، قيل: وجد بحصن الحجارة بقرب نصيبين، فمكث أياماً يسيرة ثم خلعوه وقتلوه. وكان ملكه ستة أشهر.
وقال الذين قالوا ملك كسرى بن مهرجسنس: إنه لما قتل طلب عظماء الفرس من له نسب ببيت المملكة ولو من النساء، فأتوا برجل كان يسكن ميسان يقال له فيروز بن مهران جسنس، ويسمى أيضاً جسنسنده، أمه صهار بخت ابنة يزدانزان بن أنوشروان فملكوه، وكان ضخم الرأس. فلما توج قال: ما أضيق هذا التاج! فتطيروا من كلامه فقتلوه في الحال، وقيل: كان قتله بعد أيام.

.ذكر ملك يزدجرد بن شهريار بن أبرويز:

ثم إن الفرس اضطرب أمرهم ودخل المسلمون بلادهم فطلبوا أحداً من بيت المملكة ليملكوه ويقاتلوا بين يديه ويحفظوا بلادهم، فظفروا بيزدجرد ابن شهريار بن أبرويز بإصطخر، فأخذوه وساروا به إلى المدائن فملكوه واستقر في الملك، غير أن ملكه كان كالخيال عند ملك أهل بيته. وكان الوزراء والعظماء يدبرون ملكه لحداثة سنه وضعف أمر مملكة فارس، واجترأ عليهم الأعداء وتطرقوا بلادهم، وغزت العرب بلادهم بعد أن مضى من ملكه سنتان. وكان عمره كله إلى أن قتل ثمانياً وعشرين سنة، وبقي من أخباره ما نذكره إن شاء الله في موضعه من فتوح المسلمين.
هذا آخر ملوك الفرس ونذكر بعده التواريخ الإسلامية على سياقة سني الهجرة، ونقدم قبل ذلك الأيام المشهورة للعرب في الجاهلية، ثم نأتي بعدها بالحوادث الإسلامية إن شاء الله تعالى.

.ذكر أيام العرب في الجاهلية:

لم يذكر أبو جعفر من أيامها غير يوم ذي قار وجذيمة الأبرش والزباء وطسم وجديس، وما ذكر ذلك إلا حيث أنهم ملوك، فأغفل ما سوى ذلك. ونحن نذكر الأيام المشهورة والوقائع المذكورة التي اشتملت على جمع كثيرة وقتال شديد، ولم أعرج على ذكر غارات تشتمل على النفر اليسير لأنه يكثر ويخرج عن الحصر، فنقول، وبالله التوفيق.

.ذكر حرب زهير بن جناب الكلبي مع غطفان وبكر وتغلب وبني القين:

كان زهير بن جناب بن هبل بن عبد الله بن كنانة بن بكر بن عوف ابن عذرة الكلبي أحد من اجتمعت عليه قضاعة، وكان يدعى الكاهن لصحة رأيه، وعاش مائتين وخمسين سنة، أوقع فيها مائتي وقعة؛ وقيل: عاش أربعمائة وخمسين سنة، وكان شجاعاً مظفراً ميمون النقيبة.
وكان سبب غزاته غطفان أن بني بغيض بن ريث بن غطفان حين خرجوا من تهامة ساروا بأجمعهم، فتعرضت لهم صداء، وهي قبيلة من مذحج، فقاتلوهم، وبنو بغيض سائرون بأهليهم وأموالهم، فقاتلوهم عن حريمهم فظهروا على صداء وفتكوا فيهم، فعزت بغيض بذلك وأثرت وكثرت أموالها. فلما رأوا ذلك قالوا: والله لنتخذن حرماً مثل مكة لا يقتل صيده ولا يهاج عائده، فبنوا حرماً ووليه بنو مرة بن عوف، فلما بلغ فعلهم وما أجمعوا عليه زهير بن جناب قال: والله لا يكون ذلك أبداً وأنا حي، ولا أخلي غطفان تتخذ حرماً أبداً. فنادى في قومه فاجتمعوا إليه، فقام فيهم فذكر حال غطفان وما بلغه عنهم وقال: إن أعظم مأثرة يدخرها هو وقومه أن يمنعوهم من ذلك، فأجابوه، فغزا بهم غطفان وقاتلهم أبرح قتالٍ وأشده، وظفر بهم زهير وأصاب حاجته منهم وأخذ فارساً منهم في حرمهم فقتله وعطل ذلك الحرم. ثم من على غطفان ورد النساء وأخذ الأموال؛ وقال زهير في ذلك:
فلم تصبر لنا غطفان لمّا ** تلاقينا وأحرزت النساء

فلولا الفضل منّا ما رجعتم ** إلى عذراء شيمتها الحياء

فدونكم ديوناً فاطلبوها ** وأوتاراً ودونكم اللّقاء

فإنّا حيث لا يخفى عليكم ** ليوثٌ حين يحتضر اللواء

فقد أضحى لحيّ بني جناب ** فضاء الأرض والماء الرّواء

نفينا نخوة الأعداء عنّاً ** بأرماحٍ أسنّتها ظماء

ولولا صبرنا يوم التقينا ** لقينا مثل ما لقيت صداء

غداة تضرّعوا لبني بغيض ** وصدق الطعن للنّوكى شفاء

وأما حربه مع بكر وتغلب ابني وائل فكان سببها أن أبرهة حين طلع إلى نجد أتاه زهير، فأكرمه وفضله على من أتاه من العرب، ثم أمره على بكر وتغلب ابني وائل، فوليهم حتى أصابتهم سنةٌ فاشتد عليهم ما يطلب منهم من الخراج، فأقام بهم زهير في الحرب ومنعهم من النجعة حتى يؤدوا ما عليهم، فكانت مواشيهم تهلك. فلما رأى ذلك ابن زيابة أحد بني تيم الله بن ثعلبة، وكان فاتكاً، أتى زهيراً وهو نائم، فاعتمد التيمي بالسيف على بطن زهير فمر فيها حتى خرج من ظهره مارقاً بين الصفاق، وسلمت أمعاؤه وما في بطنه، وظن التيمي أنه قد قتله، وعلم زهير أنه قد سلم فلم يتحرك لئلا يجهز عليه، فسكت. فانصرف التيمي إلى قومه فأعلمهم أنه قتل زهيراً، فسرهم ذلك.
ولم يكن مع زهير إلا نفر من قومه، فأمرهم أن يظهروا أنه ميت وأن يستأذنوا بكراً وتغلب في دفنه فإذا أذنوا دفنوا ثياباً ملفوفة وساروا به مجدين إلى قومهم، ففعلوا ذلك. فأذنت لهم بكر وتغلب في دفنه، فحفروا وعمقوا ودفنوا ثياباً ملفوفة لم يشك من رآها أن فيها ميتاً، ثم ساروا مجدين إلى قومهم، فجمع لهم زهير الجموع، وبلغهم الخبر، فقال بن زيابة:
طعنةً ما طعنت في غلس اللي ** ل زهيراً وقد توافى الخصوم

حين يحمي له المواسم بكرٌ ** أين بكرٌ وأين منها الحلوم

خانني السيف إذ طعنت زهيراً ** وهو سيف مضلّل مشؤوم

وجمع زهير من قدر عليه من أهل اليمن، وغزا بكراً وتغلب، وكانوا علموا به، فقاتلهم قتالاً شديداً انهزمت به بكر، وقاتلت تغلب بعدها فانهزمت أيضاً، وأسر كليب ومهلهل ابنا ربيعة وأخذت الأموال وكثرت القتلى في بني تغلب وأسر جماعة من فرسانهم ووجوههم، فقال زهير في ذلك من قصيدته:
أين أين الفرار من حذر الموت ** ت إذا يتّقون بالأسلاب

إذ أسرنا مهلهلاً وأخاه ** وابن عمروٍ في القيد وابن شهاب

وسبينا من تغلب كلّ بيضا ** ء رقود الضحى برود الرّضاب

حين تدعو مهلهلاً يال بكرٍ ** ها أهذي حفيظة الأحساب

ويحكم ويحكم أبيح حماكم ** يا بني تغلب أنا بن رضاب

وهم هاربون في كلّ فجٍّ ** كشريد النعام فوق الرّوابي

واستدارت رحى المنايا عليهم ** بليوثٍ من عامرٍ وجناب

فهم بين هاربٍ ليس يألو ** وقتيل معفّر في التراب

فضل العزّ عزّنا حين نسمو ** مثل فضل السماء فوق السحاب

وأما حربه مع بني القين بن جسر فكان سببها أن أختاً لزهير كانت متزوجة فيهم. فجاء رسولها إلى زهير ومعه صرة فيها رمل وصرة فيها شوك قتاد، فقال زهير: إنها تخبركم أنه يأتيكم عدو كثير ذو شوكة شديدة، فاحتملوا. فقال الجلاح بن عوف السحمي: لا نحتمل لقول امرأة، فظعن زهير وأقام الجلاح، وصبحه الجيش فقتلوا عامة قوم الجلاح وذهبوا بأموالهم وماله. ومضى زهير فاجتمع مع عشيرته من بني جناب، وبلغ الجيش خبره فقصدوه، فقاتلهم وصبر لهم فهزمهم وقتل رئيسهم، فانصرفوا عنه خائبين.
ولما طال عمر زهير وكبرت سنه استخلف ابنه أخيه عبد الله بن عليم، فقال زهير يوماً: ألا إن الحي ظاعنٌ. فقال عبد الله: ألا إن الحي مقيمٌ. فقال زهير: من هذا المخالف عليّ؟ فقالوا: ابن أخيك عبد الله بن عليم. فقال: أعدى الناس للمرء ابن أخيه. ثم شرب الخمر صرفاً حتى مات.
وممن شرب الخمر صرفاً حتى مات عمرو بن كلثوم التغلبي، وأبو عامر ملاعب الأسنة العامري.

.ذكر يوم البردان:

فكان من حديثه أن زياد بن الهبولة ملك الشام، وكان من سليح بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة. فأغار على حجر بن عمرو بن معاوية بن الحارث الكندي ملك عرب بنجد ونواحي العراق وهو يلقب آكل المرار، وكان حجر قد أغار في كندة وربيعة على البحرين، فبلغ زياداً خبرهم فسار إلى أهل حجر وربيعة وأموالهم وهم خلوف ورجالهم في غزاتهم المذكورة، فأخذ الحريم والأموال وسبى فيهم هنداً بنت ظالم بن وهب بن الحارث بن معاوية.
وسمع حجر وكندة وربيع بغارة زيادة فعادوا عن غزوهم في طلب ابن الهبولة، ومع حجر أشراف ربيعة عوف بن محلم بن ذهل بن شيبان. وعمرو بن أبي ربيعة بن ذهل بن شيبان وغيرهما، فأدركوا عمراً بالبردان دون عين أباغ وقد أمن الطلب، فنزل حجر في سفح جبل، ونزلت بكر وتغلب وكندة مع حجر دون الجبل بالصحصحان على ماء يقال له حفير. فتعجل عوف بن محلم وعمرو بن أبي ربيعة بن ذهل بن شيبان وقالا لحجر: إنا متعجلان إلى زياد لعلنا نأخذ منه بعض ما أصاب منا. فسارا إليه، وكان بينه وبين عوف إخاء، فدخل عليه وقال له: يا خير الفتيان اردد علي امرأتي أمامة. فردها عليه وهي حامل، فولدت له بنتاً أراد عوف أن يئدها فاستوهبها منه عمرو بن أبي ربيعة وقال: لعلها تلد أناساً، فسميت أم أناس، فتزوجها الحارث بن عمرو بن حجر آكل المرار، فولدت عمراً، ويعرف بابن أم أناس.
ثم إن عمرو بن أبي ربيعة قال لزياد: يا خير الفتيان اردد علي ما أخذت من إبلي. فردها عليه وفيها فحلها، فنازعه الفحل إلى الإبل، فصرعه عمرو. فقال له زياد: يا عمرو لو صرعتم يا بني شيبان الرجال كما تصرعون الإبل لكنتم أنتم أنتم! فقال له عمرو: لقد أعطيت قليلاً، وسميت جليلاً، وجررت على نفسك ويلاً طويلاً! ولتجدن منه، ولا والله لا تبرح حتى أروي سناني من دمك! ثم ركض فرسه حتى صار إلى حجر، فلم يوضح له الخبر، فأرسل سدوس بن شيبان بن ذهل وصليع بن عبد غنم يتجسسان له الخبر ويعلمان علم العسكر، فخرجنا حتى هجما على عسكره ليلاً وقد قسم الغنيمة وجيء بالشمع فأطعم الناس تمراً وسمناً، فلما أكل الناس نادى: من جاء بحزمة حطب فله قدرة نمر. فجاء سدوس وصليع بحطب وأخذا قدرتين من تمر وجلسا قريباً من قبته. ثم انصرف صليع إلى حجر فأخبره بعسكر زياد وأراه التمر.
وأما سدوس فقال: لا أبرح حتى آتيه بأمرٍ جلي. وجلس مع القوم يتسمع ما يقولون، وهند امرأة حجر خلف زياد، فقالت لزياد: إن هذا التمر أهدي إلى حجر من هجر، والسمن من دومة الجندل. ثم تفرق أصحاب زياد عنه، فضرب سدوس يده إلى جليس له وقال له: من أنت؟ مخافة أن يستنكره الرجل. فقال: أنا فلان بن فلان. ودنا سدوس من قبة زياد بحيث يسمع كلامه، ودنا زياد من امرأة حجر فقبلها وداعبها وقال لها: ما ظنك الآن بحجر؟ فقالت: ما هو ظن ولكنه يقين، إنه والله لن يدع طلبك حتى تعاين القصور الحمر، يعني قصور الشام، وكأني به في فوارس من بني شيبان يذمرهم ويذمرونه وهو شديد الكلب تزبد شفتاه كأنه بعير أكل مراراً، فالنجاء النجاء! فإن وراءك طالباً حثيثاً، وجمعاً كثيفاً، وكيداً متيناً، ورأياً صليباً. فرفع يده فلطمها ثم قال لها: ما قلت هذا إلا من عجبك به وحبك له! فقالت: والله ما أبغضت أحداً بغضي له ولا رأيت رجلا أحزم منه نائماً ومستيقظاً، إن كان لتنام عيناه فبعض اعضائه مستيقظ! وكان إذا أراد النوم أمرني أن أجعل عنده عساً من لبن، فبينا هو ذات ليلة نائم وأنا قريب منه أنظر إليه، إذ أقبل أسود سالخ إلى رأسه فنحى رأسه، فمال إلى يده فقبضها، فمال إلى رجله فقبضها، فمال إلى العس فشربه ثم مجه. فقتل: يستيقظ فيشربه فيموت فأستريح منه. فانتبه من نومه فقال: علي بالإناء، فناولته فشمه ثم ألقاه فهريق. فقال: أين ذهب الأسود؟ فقلت: ما رأيته. فقال: كذبت والله! وذلك كله يسمعه سدوس، فسار حتى أتى حجراً، فلما دخل عليه قال:
أتاك المرجفون بأمر غيبٍ ** على دهشٍ وجئتك باليقين

فمن يك قد أتاك بأمر لبسٍ ** فقد آتي بأمرٍ مستبينٍ

ثم قص عليه ما سمع، فجعل حجر يعبث بالمرار ويأكل منه غضباً وأسفاً، ولا يشعر أنه يأكله من شدة الغضب، فلما فرغ سدوس من حديثه وجد حجر المرار فسمي يومئذ آكل المرار، والمرار نبت شديد المرارة لا تأكله دابة إلا قتلها.
ثم أمر حجر فنودي في الناس وركب وسار إلى زياد فاقتتلوا قتالاً شديداً، فانهزم زياد وأهل الشام وقتلوا قتلاً ذريعاً، واستنقذت بكر وكندة ما كان بأيديهم من الغنائم والسبي، وعرف سدوس زياداً فحمل عليه فاعتنقه وصرعه وأخذه أسيراً، فلما رآه عمرو بن أبي ربيعة حسده فطعن زياداً فقتله. فغضب سدوس وقال: قتلت أسيري وديته دية ملكٍ، فتحاكما إلى حجر، فحكم على عمرو وقومه لسدوس بدية ملك وأعانهم من ماله. وأخذ حجر زوجته هنداً فربطها في فرسين ثم ركضهما حتى قطعاها، ويقال: بل أحرقها، وقال فيها:
إنّ من غرّه النساء بشيء ** بعد هندٍ لجاهلٌ مغرور

حلوة العين والحديث ومرٌّ ** كلّ شيء أجنّ منها الضمير

كلّ أنثى وإن بدا لك منها ** آية الحبّ حبّها خيتعور

ثم عاد إلى الحيرة.
قلت: هكذا قال بعض العلماء إن زياد بن هبولة السليحي ملك الشام غزا حجراً، وهذا غير صحيح لأن ملوك سليح كانوا بأطراف الشام مما يلي البر من فلسطين إلى قنسرين والبلاد للروم، ومنهم أخذت غسان هذه البلاد، وكلهم كانوا عمالاً لملوك الروم كما كان ملوك الحيرة عمالاً لملوك الفرس على البر والعرب، ولم يكن سليح ولا غسان مستقلين بملك الشام، ولا بشبر واحد على سبيل التفرد والاستقلال.
وقولهم: ملك الشام، غير صحيح، وزياد بن هبولة السليحي ملك مشارف الشام أقدم من حجر آكل المراز بزمان طويل، لأن حجراً هو جد الحارث ابن عمرو بن حجر الذي ملك الحيرة والعرب بالعراق أيام قباذ أبي أنوشروان. وبين ملك قباذ والهجرة نحو مائة وثلاثين سنة، وقد ملكت غسان أطراف الشام بعد سليح ستمائة سنة، وقيل: خمسمائة سنة، وأقل ما سمعت فيه ثلاثمائة سنة وست عشرة سنة، وكانوا بعد سليح، ولم يكن زياد آخر ملوك سليح، فتزيد المدة زيادة أخرى، وهذا تفاوتٌ كثير فكيف يستقيم أن يكون ابن هبولة الملك ايام حجر حتى يغير عليه! وحيث أطبقت رواة العرب على هذه الغزاة فلا بد من توجيهها، وأصلح ما قيل فيه: إن زياد بن هبولة المعاصر لحجر كان رئيساً على قوم أو متغلباً على بعض أطراف الشام حتى يستقيم هذا القول، والله أعلم.
وقولهم أيضاً: إن حجراً. عاد إلى الحيرة، لا يستقيم أيضاً لأن ملوك الحيرة من ولد عدي بن نصر اللخمي لم ينقطع ملكهم لها إلا أيام قباذ، فإنه استعمل الحارث بن عمرو بن حجر آكل المرار كما ذكرناه قبل. فلما ولي أنوشروان عزل الحارث وأعاد اللخميين، ويشبه أن يكون بعض الكنديين قد ذكر هذا تعصباً، والله أعلم.
إن أبا عبيدة ذكر هذا اليوم ولم يذكر أن ابن هبولة من سليح بل قال: هو غالب بن هبولة ملك من ملوك غسان، ولم يذكر عوده إلى الحيرة؛ فزال هذا الوهم.
وسليح بفتح السين المهملة، وكسر اللام، وآخره حاء مهملة.